صادق جلال العظم والثورية السورية

هيهات أن يتسع هذا الزمان المحدود للمرور بكل هذا التاريخ لهذا الفرد المنخرط في هموم الجماعة. اختار العظم أن لا ينضوي تحت الإجماع، وغالباً ما كان يجد نفسه في صراع مع هذا الاتجاه السياسي أو الفكري أو ذاك. كان في قلب الصراعات الفكرية في سوريا وفي لبنان وفي الحركة الوطنية الفلسطينية، وكانت له وجهة نظر بعيدة عن “الأورثوذكسية” كما كنا نقول ذات يوم، فهو لم يجد نفسه يواجه الأورثوذكسية الدينية فقط إن شئتم، بل واجه الأورثوذكسية الماركسية أيضاً، وكانت بعض كتبه لا تجد اعترافاً مثلاً بأنها منسجمة مع أصول “المنهج الديالكتيكي” كما تقرر في الأحزاب الشيوعية القديمة والمنظمات اليسارية الجديدة، ولا أزال أذكر موقفاً يسارياً وصف كتاب “نقد الفكر الديني” أنه على وجه التحقيق كتاب لبرالي لا ماركسي! ذلك أن الأورثوذكسية الماركسية يومها كانت تتطلب من “ذي التفكير القويم” الاهتمام بالبنية التحتية أولاً على حين أن العظم كرّس كل الوقت لمحاولة البحث في كيفية تغيير البنية الفوقية (أي مكوّنات ثقافة المجتمع) منعزلة عن “أساسها” الذي هو البنية التحتية!

Continue Reading
Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial