أيها القرّاء الاعزّاء
نبدأ السنة الجديدة بعدد شتوي موسع من منبر ابن رشد للفكر الحر .
في إطار “محاضرات راينولد فرانك التذكارية” ألقى الصحفي يورغ أرمبروستر الذي كان مراسلاً للتلفزيون الألماني لمنطقة الشرق الأوسط حتى عام 2012 محاضرة في صيف 2014 في مدينة كارلسروه حول “الديمقراطية في العالم العربي. ما هي فرص نجاحها؟ ، منذ عام 2000 وحتى الآن لم يكن الشرق الأوسط محور هذه السلسلة من المحاضرات، التي تقام في يوليو من كل عام احياءاً ي لذكرى المقاوم راينولد فرانك (1896-1945). ولكن لِمَ لا؟ كما يشير أرمبروستر ففي نضالهما _ أي نضالات الشعوب العربية – ضد الظلم تشابه:
“لأن راينولد فرانك ناضل، بل وضحى بحياته من أجل نفس الشيء الذي ضحت به شعوب العالم العربي منذ بضع سنوات أيضا، من أجل نظام سياسي يسمح للمواطنين بالمشاركة بالقرار ويحترم حقوق الفرد وكرامة الإنسان ويقدم له حياة أفضل مع منظور مستقبلي وفرص للتحسن.”
يسلط أرمبروستر الضوء على خلفيات الربيع العربي، المهدد برجوع هياكل النظم الغير ديمقراطية فيه ولكن يحذوه الأمل ، بأن الديمقراطية ستتطور هناك كون دوران عجلة التاريخ لا ترجع الى الوراء. يرى أرمبروستر أن المشاكل الرئيسية لا تكمن في الدين إنما في ضعف النظم التعليمية والفساد.
سنقرأ ايضاً ما يقوله الكاتب والباحث الإسلامي المغربي رشيد بوطيب في مقاله “ثقافة التسامح، والتسامح مع الالتباس”:
إن ثقافة الالتباس تقوم على تعدد المعاني والحقائق والمراجع وتعايشها، بشكل لا يسمح لأحد بادعاء امتلاكه للحق والحقيقة ووصم الآخرين بالباطل؛ بل إنها تقبل بتجاور معايير متناقضة في الآن نفسه، وهذا ما ميز الثقافة الإسلامية بنظر الألماني توماس باور.
من مواد هذا العدد أيضا ننشر الترجمة العربية لكلمة العالم الإسلامي والصحفي نافيد كرماني الهامة سياسيا وتاريخيا، والتي ألقاها في 23/05/2014 أمام البرلمان الألماني في احتفال بمناسبة مرور “65 عاما على الدستور الألماني” ، وقد تجاهل إلى حد كبير كل القواعد التي تطبق في مثل هذه المناسبات حيث وجد كرماني اللهجة المناسبة لتوجيه النقد الشديد لسياسات اللجوء الألمانية فقال:
أن المادة ( 16 أ- يتمتع الملاحقون سياسياً بحق اللجوء) لم يتم اثقالها لغوياً فحسب، بل وتشويهها ايضاً، وحسب الدستور الألماني الذي صاغت المانيا فيه انفتاحها إلى الأبد، تم بالتعديلات إقصاء انفتاحنا عن أولئك الاشخاص الذين هم في أمس الحاجة له: المضطهدين سياسيا. – ” يتمتع الملاحقون سياسياً بحق اللجوء ” جملة موجزة رائعة – انخفض سقف المادة هذه في عام 1993 إلى أمر إداري مشوه يتكون من 275 كلمة التي تكدست فوق بعضها وتداخلت في بعضها بشدة لإخفاء شيء واحد فقط: أن ألمانيا قامت عملياً بإلغاء اللجوء كحق أساسي . ألا يجدر بنا فعلا أن نتذكر ، وبعد أن تمت تسمية الساحة المقابلة للمستشارية الاتحادية باسم فيلي براند، بأنه كان هارباً ، لاجئاً؟
وفي هذا العدد ايضاً مقالان لموقف ابن رشد تجاه المرأة، مرة من وجهة نظر رجل (محمد المصباحي، المغرب) ومرة أخرى من وجهة نظر امرأة (نادية حرحش – فلسطين).
كما سنقرأ في هذا العدد مقالاً لعبد الحكيم أجهر من جامعة خلیفة للعلوم والتكنولوجیا والبحث العلمي في الإمارات العربیة المتحدة، يقدم فيه تفسيرا حديثا لبعض آيات القرآن الكريم على أساس العودة إلى النص والنظر فیه للبرهنة على أن التأویل أمر یقتضیه النص ذاته بالضرورة، وإذا لم یقم العقل الإنساني بهذه المهمة فإن كثیراً من المسائل تبقى عالقة أو متروكة في رؤوسنا بطریقة اعتباطیة تخلو من المنطق.
أما الكاتبة والمستشارة البحثية الفلسطينية فيحاء عبد الهادي، المؤسسة والمديرة العامة لمؤسسة “الرواة للدراسات والأبحاث”، والمنسقة الفلسطينية للشبكة النسوية “ألف امرأة عبر العالم” فقد قدمت تحليلا لأسباب تراجع تطور المرأة العربية مع تسمية الشروط الأساسية لنجاح مساواتها مع الرجل.
وفي مقاله يذكّر الكاتب السياسي والمؤرخ السوري عبدالله حنا بإنجازات الناشطة الحقوقية رزان زيتونة وزملائها وعملهم الوطني ويحكي عن خلفيات اختطافهم ثم يلقي نظرة في تاريخ عصر بزوغ النهضة أواخر القرن التاسع.
يذكرنا حامد فضل الله في مداخلته بالشاعر الفلسطيني سميح القاسم، الذي توفي بتاريح 19 أغسطس 2014 – هو يعتبر آخر الشعراء الكبار من شعراء المقاومة الفلسطينية بجانب توفيق زياد، إبراهيم طوقان، معين بسيسو محمود درويش.
وكما جرت العادة ننهي العدد بمساهمة أدبية: “مواقف” لحامد فضل الله.
وأخيراً، نحب أن نذكركم أننا نرحب بكم لتقديم المساهمات للأعداد المقبلة، أو الآراء والتوصيات. فأهلا بكم في منبر ابن رشد!
نتمنى لكم قراءة ممتعة!
د.عبير بشناق
رئيس التحرير
فبراير 2015 1