بيان صحفي

تقرير صحفي: حفل تسليم جائزة مؤسسة ابن رشد للفكر الحر الرابعة عشرة للمحامية والناشطة السورية رزان زيتونه 30 نوفمبر 2012 – متحف الفن الاسلامي

مساء برليني عادي ، لكنه الليلة لم يكن عادياً لأصدقاء وضيوف مؤسسة ابن رشد للفكر، تتوافد الجموع تلقى التحيات ويقف الضيوف في مجموعات ويكتمل الحضور رويداً رويداً. تزدحم قاعة المشتى البهية بعظمتها وبما تحملة من تاريخ بجمهور طغى عليه عنصر التنوع الجمي ، جمهور كما مدينة برلين التي تحتضن فعالية مؤسسة ابن رشد كل سنة بقلب مفتوح، جمهور يمؤمن بالرسالة التي تقدمها المؤسسة من خلال جائزتها السنوية، يتوافدون لمتابعة الفعالية بكل شغف وفضول. حدث ثقافي بامتياز كان هذا في السابق، لكنه اليوم ومن يوم انطلاق الربيع العربي بات تقديم الجائزة وموعدها حالة من التحدي تجاوزت الحدث الثقافي العادي لتصبح مسباراً لهذا الربيع العربي الذي يفرض نفسه على كل متابع ومهتم من كل صوب. تتزاحم اسئلة القادمين عن السيدة رزان زيتونه، واعضاء المؤسسة يجهدون لاجابة هذا السؤال عن إصرار رزان زيتونه على عدم مغادرة سوريا وهي في هذه الظروف. العيون تعاين هذا المكان الجميل وشيء من الترقب في تلك النظرة واسئلة عن احتياطات أمنية وتخوف من التعكير على هذا الحدث، اسئلة كان من الصعب اجابتها لكن يبدو انه سؤال راود الجميع، كيف لا وقد لبست جائزة ابن رشد ثوب التحدى بانحيازها وتضامنها مع كل من رفع صوته وقدم طاقاته في مواجهة رموز الاستبداد في المنطقة العربية.


بدأت اشارات بدء الاحتفالية مع اعتلاء حكمت بشناق رئيس مؤسسة ابن رشد للفكر الحر المنصة وترحيبه بالجمهور وتقديمه الفرقة الموسيقية المؤلفة من بكري مسلماني و حسن ابو الفضل مقطوعة موسيقية على القانون والعود.


كما رحب د. شتيفان فيبر مدير المتحف الاسلامي بالحضور ، وعبر عن اعتزازه باستضافة متحف الفن الاسلامي لهذه الفعالية المهمة التي تشجع وتتضامن مع رواد التغيير في المنطقة العربية، مشيراً الى صدمة كل من كان يوماً في سوريا أو على تواصل معها من حجم وهول القمع الذي يتعرض له الشعب السوري ، منوهاً الى النضال السلمي الذي امتد على مدى سته اشهر ووجه بالقمع الشديد، وعبر عن تضامنه وتضامن كل المحبين لسوريا وأملهم في انتصار ارادة الحياة والحرية للشعب السوري، كما لم يغب عنه دعوة الحضور لزيارة المتحف والتعاون من خلال اصدقاء المتحف والمشاركة في انشطته.


تلته كلمة ابن رشد، بدأت السيدة عبير بشناق كلمة مؤسسة ابن رشد للفكر الحر بتوجيه الشكر والتحية للحضور، وخصت بتحيتها السيدة رزان زيتونة الناشطة والمحامية الفائزة بجائزة العام ونوهت الى عدم حضورها بسبب ظرفها الأمني، واشارت بأنها انابت المفكر والفيلسوف السوري البارز صادق جلال العظم لتمثيلها وقد رحبت به ايضاً، كما شكرت الأستاذ أودو شتاينباخ، مدير مركز دراسات الشرق الأدنى والأوسط التابع لجامعة “هومبولد _فيادرينا” في برلين، على تلبيتـِه الدعوة ومسـاهمتـِه في الاحتفالية، كما وجهت التحية للدكتور شـتيفان فيبر، مديرِ مَتحف الفـنِّ الإسـلاميِّ في برلين شاكرة إياه على تعاونـِه واستضافته حفل ابن رشد للمرة الثالثة على التوالي، بعد التحية والترحيب افتتحت السيدة عبير كلمتها بالقول بأن الحرية في بعض الأحيان تعني أن تتمكن من التفكير بما يبدو مستحيلا، وعرجت على ما يواجهه العالم العربي من تحديات كبيرة، مشيرة الى أن القديم مازال حاضراً والجديد في طور التكوين، واردفت منوهة الى خروج المارد “الشعب” في الساحات العربية من قمقم صمته وصبره، واضافت عن اداراك لجميع لصعوبه الطريق وهو ما تؤكده الوقائع الواردة من مصر وتونس واليمن وليبيا وما يحصل في سوريا، مشددة بأن مسيرة التغيير قد بدأت مع كل الجراح والالام التي تعتور طريقها، وبأن صيرورة التغيير والارتقاء بالمجتمعات العربية لدولة القانون والحريات لا تتم بالشكل المثالي دائماً وتشوبها الصعوبات والتشويهات أحياناً. وأشارت بأن رزان زيتونه وكل رفاقها من الشباب والشابات السوريات أصحاب الضمير الانساني، تحملوا مسؤولية دفن نعش الاستبداد في بلدهم مع كل ما يتكبدونه من آلام وخسائر، واعتبرت بأن تكريم رزان زيتونه هو نكريم لكل الشباب والشابات الذين ساهموا في الثورات العربية. كما وعبرت عن التعاطف مع الجرحى واللاجئين والسجناء والمضطهدين وأسرهم وأصدقائهم وقدمت التعازي لأهالي الضحايا ولكل الارواح التي زهقت على مذبح الحرية في سورية. وختمت بالأمل أن مكافأة نضالهم آتية وأن معاناتهم ستنتهي قريبا. كما شكرت السيدة عبير بشناق بكلمتها أعضاء لجنة التحكيم لهذا العام والتي ضمت الصحفي بن بريك توفيق (تونس)، والصحفي وخبير وسائل الإعلام عارف حجاوي (فلسطين)، الصحفية ومعدة البرامج التلفزيونية جيزيل خوري (لبنان)، الكاتبة وأستاذة الأدب العربي ميرال الطحاوي (مصر) والصحفية والأديبة وكاتبة السيناريو سمر يزبك (سورية). واشارت الى عمل مؤسسة ابن رشد للفكر الحر في دعم رواد الفكر الحر في العالم العربي، وأصحاب المبادرات الداعمة للتغيير الذين تميزوا بالشجاعة الفكرية وبروح العمل المدني السلمي من خلال جائزتها والتي تقدم لهم منبراً لايصال صوتهم وتسلط الضوء على نشاطهم مما يمنحهم الاهتمام والتقدير العام الذي يستحقونه. كما لفتت الانتباه إلى بعض الأنشطة التي قامت بها مؤسسة ابن رشد في عام 2012. إضافة إلى منح الجوائز والحملات والبيانات الصحفية التي تربط بالأحداث الهامة والانتهاكات التي تحصل، فهناك المجلة الالكترونية التي نناقش فيها عمليات التحول في العالم العربي بين التقليد والحداثة، كما بدأت مؤسسة ابن رشد في العام الماضي بإدارة سلسلة من محاضرات هدفها إلقاء الضوء على رؤية أوروبا والعالم العربي لنفسها ولبعضها البعض ووجهات النظر المختلفة ، واشارت الى قيام المؤسسة بمشروع مدرسي تجريبي في فلسطين حيث دعمت اصدار مجلة طلابية تشترك فيه مدرسة للبنات ومدرسة للبنين بالتعاون مع الصحفيين والمعلمين بهدف التعلم المبكر عن كيفية التعامل مع القضايا الراهنة بفكر نقدي مستقل حر.
 للاطلاع على النص الكامل لكلمة مؤسسة ابن رشد اضغط على الرابط التالي : كلمة ترحيب المؤسسة

بعد كلمة ابن رشد عزف بكري مسلماني و حسن ابو الفضل مجدداً مقطوعة موسيقية من التراث الموسيقى العربي الجميل مما اضفى على الجو سحراً خاصاً .
تلى ذلك كلمة التكريم من الاستاذ أودو شتاينباخ والتي استهلها بأن تكريم رزان زيتونه يحصل غيابيا ورأي في ذلك أحد اشكال الصراع مع السلطات. معتبراً تكريمها هو تكريم لكل نساء و رجالات الثورة السورية. واشار الى رمزيتها في النضال من أجل الكرامة الإنسانية وللحرية والعدالة في وطنها سورية اضافة لتمثيلها كل احتجاج في المجتمعات العربية للتخلص من نير القهر والظلم.  رأي شتاينباخ وجود عدة مرجعيات لمعركة السوريين في ثورتهم، وابرزها من تاريخ سوريا الحديث. فمع استيلاء حزب البعث على السلطة وما تبعه لاحقاً من انقلاب حافظ الأسد في عام 1970، الذي كرس دستور جديد أقر فيه هيمنة الحزب على الدولة والمجتمع، واختياره أولوية العنف في ممارسة السلطة على الشرعية الديمقراطية ، وهو ما تمسك به بشار الأسد ايضاً.
كما انتقد شتاينباخ في كلمته التراخي في السياسة الغربية التي لا يسمع منها سوى كلمات جوفاء وتهرب دبلوماسي ملتوي، وتحليلات مثيرة للتساؤل عن “الطبيعة الخاصة” للتطورات في سوريا . معتبراً العقوبات واجهة زائفة للإيحاء بأن شيئا ما يحدث، معبراً عن وجود تناقض صارخ بين موقف اوروبا وقيمها فيما يتعلق بالحريات. مشيراُ الى موضوع العلاقة بين الحرية والتمرد على السلطة المستبدة والتي تناولها المفكرين مثل فريدريش شيلر وألبير كامو، مستشهداً بتساؤل كامو عن “من هو الثوري؟” وبإجابته “إنسانٌ يقول لا”. مضيفاً ملايين من العرب قالوا “لا”. واضاف مؤكداً وضوح أوجه التشابه في اندلاع الثورات العربية. وبأن رزان زيتونه انتفضت من بين العديدين لانتزاع هذه الحقوق التي تأبى المساومة. عرج شاينباخ كذلك في كلمته الى الارضية المشتركة بين البلاد الأوروبية والعربية رغم كل الاختلافات التاريخية والثقافية والدينية. واعتبر ان الخلل في نظرة “الغرب” المتعالية الى “العرب” و”المسلمين” ممتدة منذ عقود. وبأن الأذكياء منهم طالبوا المسلمين بأن يمروا اولاً بمرحلة التنوير، عندها فقط يمكنهم اللحاق بالحداثة. هنا شدد شتاينباخ بأن الثورة العربية والانتفاضة السورية أثبتتا عكس ذلك، فالالتزام مشترك بالقيم الانسانية وشرطها الأساسي الحرية التي لا غنى عنها. رأي ان استناجات وأفكارَ فلاسفةٍ وشعراءَ غربيين مبنية على ذات قاعدة تفكير واستنتاجات العقول العربية مثل رفاعة الطهطاوي ومصطفى كامل وعبد الرحمن الكواكبي والكثيرِ غيرهم. واعتبر بأن ادارك ذلك يؤسس لعلاقات قادمة ويمكن على أساسها ولادة تصورات جديدة في إدراك كل طرفٍ للآخر. مشيراً بأن الكليشيهات المتداولة حول “العرب”، “الإسلام”” أو “المسلمين” مكانُها في النفايات مثَلُها مثـَلُ الحكام الطغاة والمستبدين الذين أطاحتهم “شعوب بلادهم”. وأكد على فشل السياسة الغربية في التعبير عن مصداقيتها، وفي قبولها حدوث الذبح في سوريا، واشار الى تطبيق العقوبات كذريعة تحقق لهم مبرر القيام بدور، مشدداً بان مطلب حماية السوريين وضرورة وجود بدائل جديدة منوهاً بأن الحماية لا يمكن تحقيقها بالكلام ولا بالعقوبات التي لا تهز النظام حقا، لكن في إمداد من يحتاج الحماية بالوسائل التي تمكنه من حماية نفسه. أشار الى نقلة الاحتجاج من الفردي إلى الجماعي التي رأي فيها الجوهر الغامض في الثورة في سورية وفي البلدان العربية الأخرى، وبين استعمالهم كل ادوات التواصل كي يعبروا بها عن سعيهم العميق الفعال للتغلب على نظام بقى على قيد الحياة ولم يعد يُحتمـَل. مشدداً بأن المؤكد هو انتهاء مرحلة، حتى ولو كانت السلطات تحاول بأي ثمن إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء. كما عاود شتايناخ التأكيد على ضرروة ان نلتزم بسلوكنا بروحية الجائزة. فعندما نكرم رزان زيتونة يجب علينا ان نسعى لنكون نحن ايضاً مثل رزان زيتونه. وأشار بأنه لا يمكننا الوقوف جانباً أمام سعي الشعب السوري لاقتلاع الاستبداد والتخلص من حكم غير شرعي أو أمام نضال الشعب الفلسطيني لإنهاء الاحتلال الغير شرعي. مشدداً بأن اوروبا بحاجة إلى الاعتراف بأن مستقبل المجتمعات العربية وجيرانهم في الشرق الأوسط هو جزء من مستقبلها. وختم بالأمل في أن يحدد الناس في سورية أن تكون لـ “الجماعة” و”الصالح العام” الأولية على “مصالحم الخاصة”، ووجد بأن هذه الأمور تجتمع في شخص مثل رزان زيتونة التي كرست حياتها على مدى سنوات عديدة “للصالح العام” ومن أجل الحق في الكرامة الإنسانية والحرية، وجعلتها أولى من مصلحتها الخاصة. وقال في نهاية كلمته بأنها لم تتمكن هذه الليلة من الحضور معنا، لأن عليها أن تتخفى وعندما تظهر من جديد – ومعها كل اولئك الذين كان عليهم التخفي – فهذا سيكون علامة بأن حقبة جديدة في سوريا قد بدأت وعلامة على أن مستقبلنا يستند ايضاً على نفس القيم الاساسية الغير قابلة للفصل والتي نحن كلنا دون استثناء ملتزمون بالمحافظة على صلاحيتها.
للاطلاع على النص الكامل لكلمة الأستاذ الدكتور أودو شتاينباح اضغط على الرابط التالي: كلمة تكريم: أ. د. أودو شتاينباخ

اعقب كلمة التكريم تسليم الجائزة لرزان زيتونه، حيث تقدم السيد حكمت بشناق مع الدكتور جون نسطة بتسليم جائزة ابن رشد للفكر الحر لعام 2012 للاستاذ والمفكر السوري صادق جلال العظم الذي ناب عن رزان زيتونه، وبعد استلامه للجائزة والتقاط الصور التذكارية توجه بكلمة قصيرة باللغة الانكليزية عبر فيها عن امتنانه لتأدية هذا الدور وشكره لرزان زيتونه على اختيارها له لاستلام الجائزه عنها واعتبر ان الكلمات العادية تعجز عن التعبير في مثل هذه اللحظات، وجد في اختياره لتمثيل سيدة ناشطة صلبه في نضالها في مواجهة الاستبداد شرف يعتز به وشكر مؤسسة ابن رشد على تكريم رزان الناشطة الشابه.
 
للاطلاع على النص الكامل لكامة الاستاذ الدكتور صادق جلال العظم اضغط على الرابط التالي:

خطاب الفائز بالجائزة

تلا هذه الكلمة فاصل موسيقى ومن ثم اعتذر حكمت بشناق رئيس مؤسسة ابن رشد عن عدم تمكن المؤسسة من اجراء نقل حي لكلمة رزان زيتونه نظراً للظروف الصعبة في سوريا وصعوبة تحقيق ذلك ونوه بأن السيدة فادية فضة عضو الهيئة الادارية سوف تلقيها بالنيابة عن المحامية والناشطة السورية رزان زيتونه.
ابرز ما جاء في كلمة السيدة رزان زيتونه توجيهها الشكر لثورات الربيع العربي، والسّوريِّ ، الذي منح هذه الفرصة النادرة لنكونَ أكثرَ إيماناً وثقةً بحقنا الإنسانيِّ الأصيل في الحريَّةِ والكرامة. مشيرة بأنها قبل نحوِ عشرِ سنواتٍ سمعتُ للمرةِ الأولى باسم فارس مراد الذي أمضى حتى ذلك الوقت، أي عام 2002، ستة وعشرينَ عاماً في المعتقل على خلفيةِ عضويته في المنظمةِ الشيوعيةِ العربية وأشارت الى دهشتها لعدم سماعها باسمه سابقاً! وأضافت شخصٌ أمضى كل هذه السنواتِ في المعتقلِ على خلفيةٍ سياسيةٍ، يُفترَضُ أن يكون أسطورةً.. كمانديلا.! وان هذا كان منطلقاً لها للبحث مع عدد من الأصدقاء لجمعِ وتوثيقِ أسماء المعتقلين القدامى واكتشافها آلافاً مثلَه في المعتقل وبأن هذه “القصصَ” ليست ماضٍ أُسدِل عليه جدارُ النسيان، وبأن التقصي كان بمثابةِ إعادةِ اكتشافٍ لسوريا وتاريخِها وحاضرِها، وبأن تلك التفاصيلِ التي تشكلُ تاريخَنا الحديث.

واشارت الى ان معظمُ الأصدقاء لم يسلموا من الاعتقالِ والمحاكمةِ تعسـُّفياً. وحضورُ المحاكماتِ، كانت المناسبةَ الوحيدةَ التي تمكنهم من التواجدِ بشكلٍ علنيٍّ، رغم أن هذه أيضاً لم تَخلُ من المضايقاتِ الأمنية يوماً. وبينت بأن أهم ما نتج عن التعاملِ مع ضحايا تلك الانتهاكاتِ وذويهم هو تهاوي تلك الجدرانُ التي كانت بين السوريين والتي جَهـِد النظامُ عقوداً طويلةً على إعلائِها بينهم وتخويفهم من بعضهم بعضاً، وفِقدانهم للثقةَ وتوليدِ إحساسٍ بشعٍ لدى كل ضحيةٍ أو ذويها بأنها وحدَها، وأن الدنيا تسير من حولِهم بشكلٍ طبيعيٍّ ولا أحدَ يلتفت لآلامهم، ولا أحدَ يتحسسُ معاناتِهم. واضافت انه مع هبوب رياحِ التغييرِ في تونسَ ومصرَ، أصبح وقعُ القمعٍ عليهم أكبرَ وأمضى. كان الإحساسُ ضاغطاً بأن الزمنَ يستعجل السوريينَ كي يهبّوا من أجل حريتِهم. تصريحاتُ النظامِ الرسميةُ كانت تستبعد أيَّ حراكٍ سوريّ، كثيرٌ من المحللين استبعدوا هذا الاحتمالَ أيضاً. وتابعت في كلمتها بأن لا أحدَ كان يعلم أن قلبَ السوريِّ المفعمِ بالمظالم، يغلي في الظلام، وأن مظاهراتٍ عارمةٍ ستنطلق بعد أيامٍ في مدينة درعا تنديداً باعتقال وتعذيبِ عددٍ من الأطفالِ الذين كتبوا للحريةِ على جدرانِ مدرستهم. مشيرة الى حدوث معجزةٌ حقيقيةٌ، مع عجز عن جلبِ اهتمامِ الإعلامِ وتصديقـِه بحدوثها. وتابعت رزان في كلمتها بعد أسابيعَ قليلةٍ، ظهر جليّاً أنَّ سوريا ليست مصرَ أو تونسَ بالفعل، وأنَّ النظامَ السوريَّ لا يجد مشكلةً في إطلاق الرصاصِ على شبانٍ ونسوةٍ وأطفالٍ خرجوا يهتفون لكرامتهم ويطالبون “بالإصلاح” . . حينها.

كما أشارت الى رصد ومتابعة والانتهاكات والتوثيق والتحدث الى الاعلام تطلب مد وتنظيم شبكةُ علاقات وبأنها تحولت الى عمل أكثرَ تنظيماً، ونجم عنه في نيسان 2011 تأسيسُ : “لِجان التنسيق المحلية في سوريا”. وتعزز الايمان بأن الثورةَ انطلقت ولن يوقفـَها شيء حتى تحقيقِ أهدافها، وهنا بدأت لدى الناشطين محاولة صياغةَ خطابٍ ورؤيةٍ سياسيةٍ للحراك الثوريّ. مشيرة الى انها اضطرت لاتخاذ احتياطات أمنية، ما فرض عليها النتقل الدائم من منزلٍ لآخر، ومن حيٍّ إلى آخر ، ووصفت مدينة دمشق وتحولها الى مدينةٍ غريبةٍ عن نفسها وعن أبنائِها. وبأنها أصبحت ثكنةً عسكريةً مليئةً بالحواجزِ الأمنية التي تقطِّع أوصالَها؛ واشارت الى فقدانِ معظمِ الأصدقاءِ مع الوقت، منهم من استشهدَ، ومنهم من اعتُقِل ومنهم من غادر البلادَ، ومنهم من أصبحوا خصوماً بعد أن كانوا أفضلَ رفاق. ووصفت بأن الثورة موحشة وقاسية بلا الأصدقاءِ خاصة مع حياةُ التواري ومآلاتُها. كما وقارنت رزان بين الاحساس المتولد داخلهم بالقدرة غير المحدودة على احداث التغيير، مع الشعور بعجزِ العالمِ عن دعمِ ومساعدةِ شعبٍ ثائرٍ يُقتـَل أمامَ أنظارِه كل يوم..  واشارت الى صعوبة التفكيرُ بالمستقبل، وبأنه يبدو اليوم غامضاً يشوبُه الكثيرُ من الخوف، مع حقيقةِ أنَّ أكثرَ من خمسة وثلاثين ألف شهيدٍ قضوا حتى اليوم، وذكرياتٌ لعشرات آلاف ممن خاضوا تجربةَ الاعتقال وذلَّه وتعذيبَه، وعدةُ ملايينَ من السوريين أصبحت بلا مأوى، بعد أن أُحيلت منازلُها وممتلكاتُها إلى ركام ورماد..! وشددت على ان اللاجئونَ والنازحونَ كما المعتقلين والشهداء ليسوا أرقاماً وحسب. ورأت ان الأكثرَ إيلاماً العحز لديهم وكذلك المنظمات الدولية عن سدادِ حاجاتٍ بسيطةٍ وأساسيةٍ كالغذاء والكساءِ لأولئك المرحلينَ قسراً من بيوتهم. واشارت بأنها كانت تعجِزُ عن تخيلِ القدرة على الصبرِ لدى الشباب السوريِّ، في قضاء عدة ساعاتٍ لرفع مقطع فيديو عبر إنترنت، أو حضورِ اجتماعٍ كاملٍ عبر الموبايل. أو ابتداعِ والبحث عن شتى الوسائلِ ليتمكنوا من التقاطِ خط إنترنت، للتواصلِ فيما بينهم، ومع العالم والإعلام، وشعارهمُ المفضَّل “سوف نبقى هنا”، واعتبرت أنها رغبةٌ بتحدي القاتل وما يحمله من موت؛ وتطرقت الى غضبها من مصطلح “الحربِ الأهلية” الذي يطلقه الكثيرون في العالم على الوضع في سوريا، معتبرة بأن “العالمَ استكثرَ على ثورتنا حتى اسمَها، انطلاقاً من تعقيدِ علاقاتِه ومصالحِه”. ومع اقرارها بوجود أخطاءُ بالثورة بعد سنة وثمانية أشهر، وبأنه مع ذلك لم يكفَّ السوريون عن نقد أنفسِهم، وصوتهم لم يخفـُتْ يوماً عن قول الحقيقة. مشيرة الى ان العالم، بشرقه وغربه، لم يخذلِ السوريين فقط، بل وخذل أبسطَ مبادئ التضامنِ الإنسانيّ. لكنها ايضاً احترمت وقفة الملايين من البسطاء شرقاً وغرباً مع ثورة شعبها، وتضامنَهم معها، ووقفةَ أصحابِ الكلمةِ ايضاً. واضافت في كلمتها بأن في سوريا شعبٌ يستحق الحياةَ كجميعِ الشعوب، لم يكن هناك من داعٍ للخوفِ من رغبةِ شَعبٍ في الحياة.. وبأن على الخائفين الآن أن يخشوْا ما تراكم داخلَه نتيجةَ هذا الموت المستمر وسكوتِهم عنه. وختمت رزان زيتونه كلمتها بالقول: ” شكرا لوجودكم.. ولكونكم جزءاً من النداءِ الإنسانيِّ من أجل الحريةِ والكرامةِ والعدالة..”
للاطلاع على النص الكامل لكلمة رزان زيتونه اضغط على الرابط التالي: خطاب الفائز بالجائزة

فادية فضة

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial