رحيل العلامة السيد محمد حسين فضل الله

مؤسسة ابن رشد للفكر الحر تعبر عن اساها لرحيل العلامة السيد محمد حسين فضل الله


 مؤسسة ابن رشد للفكر الحر تعبر عن اساها لرحيل العلامة السيد محمد حسين فضل الله

لقد خسرت الجماهير العربية والاسلامية بغياب العلامة محمد حسين فضل الله مرجعية وطنية وروحية منفتحة ومتنورة كبرى، أضافت الى الفكر الاسلامي صفحات مميزة ستتوارثها الاجيال جيلا بعد جيل. لقد تخطت رسالته الحدود وقدم مساهمة كبيرة في الحث على إعلاء قيمة الانسان، واتخذ من الحوار سبيلاً لإعلاء شأن العقل في معالجة القضايا الخلافية، ولم يتوانى عن التحذير من الانقياد الأعمى وإلغاء العقل والنقد وهو القائل:

“علينا أن نكف عن الانحناء بعقولنا لأي جهة من الجهات مهما كبرت، سواء كانت جهات قيادية أو مرجعية أو ما إلى ذلك، بل علينا أن نكتشف نقاط الضعف في القيادات كما نكتشف نقاط القوة فيها، لأنه ليس هناك في غير عالم المعصومين قيادة معصومة، ولذلك فإن علينا أن نعوِّد القيادات على أن تتقبل النقد، وأن نعوّد أنفسنا أنّه لا مقدّس في النقد، إذ يمكن أن تقدَّس أعلى المرجعيات الدينية، ويمكن أن تُنقَد أعلى المرجعيات الدينية والمرجعيات الثقافية والمرجعيات السياسية”.

وحدوي يرفض التفرقة غير متصالح أو مهادن للواقع السائد، حث في كل كتاباته ومن على المنابر على الانفتاح ونبذ العصبية من أي جهة أتت فهو القائل:

“وقد تكون مشكلتنا في هذا الشرق، والعالـم العربيّ تحديداً أنَّنا لا نُتقِنُ الخطاب المنفتح عمّا نفكّر فيه، وأنَّنا نحدّقُ في أنفسِنا قبل التحديق بالآخر، وأنَّنا نُحاوِلُ من خلال هذا الخطاب الدينيّ أو الثقافيّ أو السياسيّ، أو الاجتماعيّ، الاستماعَ إلى صداه في داخلنا لا في الآخر، وبهذا كففنا عن أن يفهمنا الآخر، لأنَّنا لسنا معنيين بالآخر… إنَّنا في عالمنا العربيّ نعيش تنوّع الفكر الدينيّ والعلمانيّ والقوميّ، وكما أنَّ هناك تمذهُباً يصِلُ إلى حدّ العصبيّة في الدِّين، ففي العلمانيّة تمذهبٌ قد يصِلُ إلى حدّ العصبيّة في الانتماء، لأنَّ قضيّة العصبيّة في هذا الشرق ليست قضيّة خصوصيّة الدِّين في إنتاج العصبيّة في الإنسان، وإنَّما هي قضيّة الإنسان الذي يعيشُ الانفعال والغرائزيّة ويتحرّك من خلال كثيرٍ من مفرداتِ التخلُّف، وهو ما يُنتِجُ العصبيّة والحقد. إنَّ العصبيّة تنطلقُ من الضعف الثقافيّ الدينيّ والسياسيّ والعلمانيّ، لأنَّ من يملكَ زمامَ الفكر الذي يُؤمِنُ به لا يخافُ من أن يُعطي الحريّة للآخر… فالذين يُصادرون الحريّة هم الخائفون من أن تُصادِر الحريّة تخلُّفهم وضعفهم وتردّدهم.”

وفي موقع آخر نرى تأكيده على الاحترام المتبادل في العلاقات الانسانية وعلى مبدأ الحوار البعيد عن العنف او الاقصاء ويقول في ذلك:

“مسألة العلاقات الإنسانية هي مسألة تتصل باحترام الإنسان للإنسان؛ أن تحترم فكره فلا تسقطه، بل تحاول أن تعالج خطأه في الفكر بالأسلوب الطيب الذي يناقش الفكرة الخاطئة بعقلانية وموضوعية، بحيث تستطيع أن تقنع الآخر، لأنك إذا عالجت الفكرة الخاطئة بالتشنّج ـ سواء كان خطأه في السياسة أو في الدين أو في العلاقات البيتية ـ بأن تضلله وتكفّره وتعنّفه بخطئه، من دون أن تعرض وجهة النظر الأخرى، فإنك بذلك تغلق قلبه عنك”.

ومن المواقف المميزة للراحل الكبير حرصه على رفض اي شكل من اشكال العنف والتمييز ضد المرأة وهو القائل:

“هناك نوعٌ من التمييز العنصري يمارسه الرجل ضد المرأة بشكل عام، حتى في الدول التي تسمى “متحضرة”، حيث يتمثَّل العنف هناك في جوانب عدة، سواء تمثل ذلك في ضرب المرأة أو تعذيبها أو قتلها، أو في عمليات الاغتصاب وبشكل فوق العادة،…. إن هذا النوع من العنف مرفوض إسلامياً”.

برحيل العلامة السيد محمد حسين فضل الله، يغيب رجل تنوير واعتدال ورمز حوار. كان قامة للفقه والعلم المستنير. شكّل صوت العقل ومشروع مصالحة الدين مع العصر والحداثة. فكان الملتزم المتمرد على الموروثات، المجدد ضمن الثوابت.
تتقدم مؤسسة ابن رشد للفكر الحر من عائلته وميريديه ومن جميع العرب والمسلمين بأحر التعازي واصدق مشاعر المواساة.

مؤسسة ابن رشد للفكر الحر
برلين11 يوليو 2010

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial